فـداء عبد الجـواد
وكأنه عصر الجاهلية، آباء يضربون فلذات أكبادهم بشكل قاسي بلا ذنب لهم سوي أنهن إناث وليسوا ذكور، فينعكس ذلك على مجري حياتهم ويصبحن يدفعن ثمن تلك القسوة والمعاملة غير المنصفة ................... فهذه حالة المواطنة تهاني والبالغة من العمر 27 عام.
بداية القدر" القدر وما أدراك ما القدر"
فبدأت حياة المواطنة الفلسطينية بكثير من المعاناة منذ بداية عمرها وهي تبلغ السبع شهور لحظة خروجها من بطن أمها فبقيت في الحضانة في المستشفي لمدة 40 يوم حتى خرجت من هذه الحضانة ولم ترى أما ولا أبا لها وذلك لوجود والدها بالسجن فترة ليست بقصيرة وأمها ذهبت بعدها لإسرائيل لتعمل تلبية لمتطلبات طفلتها خاصة أنها لم تكن تقبل الرضاعة منها فاختفي دور الأم في تربيتها فترة وجيزة، فأخذتها جدتها وبقيت معها وتربت على يديها حتى كبرت وأصبح عمرها خمس سنوات وكان والدها مسجون في السجن لقضية ما مع العلم أنها تعتبر البكر لوالدها , وبعد مرور خمس سنوات من عمرها خرج والدها من السجن وجدتها توفت, وهنا بدأت حياة تهاني منذ أن استقبلت والدها بعد مرور خمس سنوات على حياتها , والدها كان يريد بولد ولا يريد ببنت خاصة أنها البكر ولكن شاءت قدرة الله وأتت تهاني البكر عكس ما يحبه والدها, فكان يبدو علي والدها كره شديد لتهاني وهذا ما شعرته تهاني اتجاه والدها, لدرجة أنها تقول تهاني " كان لا يحب أن آكل معه ولا يطيق الأكل معي " .
رحلة العذاب في زمن الصراع
ومن شدة كره الوالد لتهاني كان يطردها من البيت حتى تبقي حيرانة بين بيوت الجيران وكل ليلة في بيت من بيوت الجيران , كان والدها يعذبها عذاب شديد جدا وتقول تهاني " رأسي كاد يوم من الأيام أن ينكسر من شدة الضرب " واستمرت على هذه الحياة حتى بلغت من العمر تسع سنوات , ومنذ صغرها تقربت تهاني من الدين وحبها للدين وكثرة قراءتها للقرآن الكريم تقول تهاني " كان هذا أفضل شئ في حياتي منذ الصغر حبي لقراءة القرآن وتقربي من الله سبحانه وتعالى " وبقيت على هذا الحال حتى أصبح عمرها 13 سنة , كانت في المرحلة الإعدادية من المدرسة , وتقدم لها ابن خالته لوالدها لخطبتها , فوافق والدها منه وتقول هي " كنت أقول بيني وبين نفسي أريد التخلص من والدي وعذابه بأي طريقة وتضيف كنت أظن أن زواجي من هذا الشخص وهروبي من والدي سوف أكون سعيدة رغم أنني لم أكن أحب هذا الشخص الذي تقدم لي ولكنني وافقت من زواجه " وبقيت تهاني مخطوبة لمدة سنتين ونصف , وطول فترة خطوبتها تضيف تهاني بتألم " كان والدي يضربني أمام خطيبي وعندما يكون خطيبي في البيت يخلق المشاكل من أي شئ حتى يطرده ويهينني بأي طريقة " .
تقول تهاني كان والدي شكاك يشك في أي أمر لدرجة انه كان يشك في صاحبه عندما كان يأتي عندنا ويعاملني معاملة حسنة , فوالدي لم يعجبه الأمر ومنعه من دخول بيتنا وفقده كصاحب وكاد أن يعرضني من كثرة الشكوك لطبيب .. " وهي في المرحلة الإعدادية منعها خطيبها من استكمال الدراسة ومن هذه اللحظة تقول تهاني بدأت حياتي تتهدم ومستقبلي افقده وينهار , ومنذ خرجت من الدراسة فرض علي العمل في مصنع خياطة وتعلمت الخياطة رغم عن إرادتي , واستمرت لمدة سنة وهي تعمل في هذا المجال , وفي هذا الوقت كان والدها لا يعمل , فرأت تهاني أنها لابد أن تقف بجانب والدها في مصاريف البيت وتقول " هذا والدي مهما حصل سيبقي والدي" وبعد فترة تعرضت للأمراض كثيرا وصابها ألم في كل جسدها فعرضها والدها على طبيب ولم يخرج بشئ وقال الطبيب لوالدها إن ابنتك سليمة ولم تعاني من شئ , ولكن والدها لم يبقى على كلام ذلك الطبيب فأخذها على امرأة تعالج بالتمريج الطبيعي , فقالت هذه المرأة لوالد تهاني إن ابنتك تعاني من خوف شديد في جسمها ولابد من علاجها .
فأصبحت تهاني تذهب لهذه المرأة في كل حين حتى تتحسن , ففي يوم من الأيام آتى شيخ من شيوخ الحارة لبيت تهاني وجلس معها جلسة قرآنية , فتقول تهاني , عندما بدأت الجلسة القرآنية لقد غبت عن الوعي لمدة نصف ساعة تقريبا , وتقول فقت من الوعي فوجدت أبي وأمي وأهلي يبكون بشدة فسألتهم فلم يجبني أحد لماذا يبكون , وبدهشة شديدة تقول تهاني هذه أول مرة أتحدث لوالدي وأجلس معه كأي بنت تحب أن تجلس مع والدها وتحدثه عن أحوالها وأخبارها .
ومع مرور وقت المغرب توضأت تهاني للصلاة فإذا بها تفقد الوعي وتقول " شعرت بشئ يلامسني بشدة وفقدت الوعي لدرجة أنني كنت سوف أخرج من البيت بملابس غير مستورة " ووالداي كانوا يظنون أنني تهاني ولكن في الحقيقة لم أكن تهاني لدرجة أنني أمسكت بوالدي وضربته على الأرض ولم أستطع التحكم بقوتي ولا أعرف من أين أتتني هذه القوة ", وبعد فترة بسيطة فقدت الوعي وسقطت على الأرض , فبعد هذا الموقف جاء الشيوخ وعرفوا أحوال تهاني وما لديها فكانت حسب قولهم " أنها تعرضت لمس جن وهو جن يهودي عمره 25 سنة وادعى هذا الجن بدخوله لتهاني حتى يحميها , وفي هذا الوقت كانت تهاني تبلغ من العمر 14 سنة , وأصبح هذا الجن يهددها بحياتها ومستقبلها , وتقول " إنني كنت أعرف إن الجن ينفر من قراءة القرآن فكنت اقرأ دائما آية الكرسي عندما أشعر بأنه يضايقني " ومن هذا الموقف تغير والد تهاني بمعاملته لها تغيرا كليا وتقول " والدي تغير إلى إنسان آخر غير الإنسان الذي كنت أعرفه لدرجة أنه كان يحملني على يديه حتى أتوضأ لصلاة الفجر", وبقيت مدة ست شهور على هذا الحال وهي تعاني من هذا الجن , وبعد مرور ست أشهر طلقها خطيبها وهي كانت فرحة لتهاني بعد أن كانت فرحة لها عندما تقدم لها , لأنها وافقت للهروب من والدها وها أصبح والدها شخص أخر ويحبها ولا تريد البعد عنه , وبعد مرور ستة أشهر أصبحت تهاني سليمة من كل شئ كان يضايقها , ووالدها أصبح يعمل في إسرائيل ويرسل لها مصروفها الشخصي حتى تكون سعيدة , ولكن للأسف لم تكمل هذه السعادة طويلا , فكان والدها ينبه امرأة جيرانهم حتى تضع أبنائه نصب أعينها فكانت هذه المرأة تكره تهاني وتفسد بينها وبين والدها لدرجة أن والدها أصبح يكره تهاني من جديد ويعاملها نفس المعاملة الأولى , وبلغ عمرها في هذا الوقت 15 سنة , وبقربها للدين كانت تلبس النقاب رغم صغر سنها وتحفظ القران وحفظت 20 جزء من القرآن الكريم وكانت متفوقة في هذا المجال وبتميزها نالت شهادة من دار الكتاب والسنة , وتقدم لها الكثير من الناس لخطبتها ومنهم المهندسين وأساتذة ولكن والدها كان يرفض للأسف .
عذابات الزوج وآهات ثائرة
وبعد فترة وعندما أصبح عمرها 23 سنة تزوجت من شخص قريب من بيتهم ولم تعرفه تهاني فعندما تزوجها بسرعة لم تطيل فترة خطوبتها , فتقول تهاني " من بداية حياتي معه كان يضربني واكتشفت في أول حياتي معه أنه يتعاطى المخدرات والمهدئات ومريض نفسي , وكل هذا لم أكن أعرفه " , فبعد عشرة أيام من زواجها تري زوجها يقف أمامها ليقتلها خنقا بسبب حالته النفسية فلم تصبر تهاني على هذه الحياة , وتحيرت ما بين الهروب لبيتها ليضربها والدها ويعذبها , أو أن تبقي في بيت زوجها على هذه الحياة وتصبر وتحتسب عند الله , ولكنها قررت الهروب إلي بيت عمها في جباليا , وهربت بصعوبة بالغة حتى توصلت إلي بيت عمها رغم أنها لم تكن تعرف شئ في قطاع غزة سوي منطقتها التي تعيش بها , وتقبل عمها أمرها وعذرها وتحدث مع والدها وأيضا تقبل والدها عذرها , ففرحت بتقبل والدها عذرها وأمرها وذهبت هي وعمها إلي بيتها في حضن والدها وتخلصت من زواجها للشخص المريض النفسي بطلاقها منه, وبقيت في بيت والدها على حالها القديم تتعذب وتضرب حتى أصبح عمرها 26 سنة وهي تعاني من حياة مريرة تكاد تكون حياة الحيوانات أفضل من حياتها وحسبي الله ونعم الوكيل .
يا لقسوة هذا الوالد أليست فلذة كبده ! يا بشر لا تعاملوا أبناءكم بمثل هذه المعاملة، فأنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد .........
